التعليم المتنقل (عن طريق الموبايل)
إن أحد أهم مزايا التعليم الإليكتروني هو أنه يحرر الإنسان من
قيود الزمان والمكان المرتبطة بالتعليم التقليدي. ولكن يبقى التعليم الإليكتروني
مرتبطاً باستخدام الحاسب الآلي إلى حد بعيد، وهذا قد يعني نوعاً من التقييد
المرتبط بمكان هذا الحاسب. وحتى إن استخدم المتعلم الكمبيوتر
المحمول
Laptop،
فإن الاتصال المستمر بشبكات الإنترنت قد يكون مكلفاً وغير متوفر في الكثير من
المناطق، إضافة إلى حجم الجهازالذي يمثل عائقاً أمام المتعلم في حمله لمدد طويلة. لهذه الأسباب مجتمعة ظهر في الأعوام الأخيرة اهتمام متزايد في
الغرب باستخدام التليفون الجوال أو "الموبايل" في التعلم كنظام جديد من
أنظمة التعليم الإليكتروني، وهو ما يشار إليه اختصاراً بـ M-Learning. وفي
هذا المقال تعريف موجز بهذا التطور في مجالات التعليم الإليكتروني وأمثلة عملية على
طرق استخدام تقنيات التليفون الجوال كوسيلة جديدة من وسائل التعليم الإليكتروني.
هل يمكن التعلم عن طريق الجوال ؟؟
تعد أحد أهم مزايا التليفون الجوال هو أنه سهل الحمل ومتوفر في
يد المستخدم معظم الوقت، ومتاح لجميع شرائح المجتمعات بتكلفة مقبولة وممكنة،
وأخيراً أنه قد انتشر بشكل كبير في كافة الدول والثقافات والمجتمعات. وبما أن
الجوال متاح للإنسان في معظم الوقت من ناحية، وكذلك فإن الرغبة في التعلم دائمة
ولا ترتبط بوقت محدد أو مكان بعينه، فإن هذا الجهاز يصبح من الجانب النظري وسيلة
هامة يمكن استخدامها بكفاءة لتوصيل المعرفة إلى من يحتاجها في أي وقت وفي أي مكان. ومن الجوانب الأخرى الهامة التي ترجح من أهمية استخدام الجوال
في نقل وتبادل المعرفة هو إتقان عموم الناس لمزايا وخصائص أجهزة الجوال، ورغبة معظم
شرائح المجتمع في استخدام أجهزة الجوال وإتقان التعامل معها، وهذا هو ما استدعى
اهتمام الباحثين الغربيين المتخصصين في مجالات التعليم لتطوير استخدامات الهواتف
الجوالة لكي تصبح وسيلة جديدة من وسائل التعليم الإليكتروني. إن استخدام الحواسب في التعليم ما يزال مرتبطاً إلى حد كبير
بمساندة التعليم التقليدي في الجامعات والمدارس والمعاهد. أما التعلم وتبادل المعارف
فإنه يحدث بشكل كبير ومستمر أيضاً خارج أماكن التعليم التقليدي، وبالتالي فإن
الهواتف الجوالة قد تصبح وسيلة هامة وذات كفاءة عالية في هذه الحالات، والتي تمثل
أغلب الوقت المتاح للمتعلم. ويمكن للتعليم عن طريق الجوال أن يتيح للمتعلم فرصاً
متعددة للاستفادة من الوقت ومن التقنيات الحديثة في التحادث وتبادل الصور والرسائل
والملفات التي تتميز بها معظم أجهزة الجوال المتاحة في المجتمعات العربية.
تعريف المصطلح
M-Learning وتاريخه
بدأت فكرة "التعليم عن طريق الجوال" من خلال أحد
البرامج البحثية الأوربية التي استهدفت في عام 2001م شريحة محددة من المجتمع
الأوربي بين سن 16 24 سنة ممن اعتبروا في خطر من ناحية ضعف ارتباطهم بالمجتمع
اجتماعياً وتعليميا. فأغلب هذه الشريحة كان بلا عمل أو يحصل على أجر محدود أو حتى
بلا مأوى. كما كانت الشريحة المختارة أيضاً لا تتلقى أي تعليم من خلال أنظمة التعليم
التقليدي أو غيره، وكان القاسم المشترك بين هذه الشريحة المختارة أنها كلها كانت
تمتلك جهاز تليفون جوال، وترغب في التعلم من خلال نظام خاص يسمح بتغطية احتياجات
كل فرد منها ومساعدته للتعلم والحصول على المعرفة على حدة. وقد رصد للمشروع في حينها مبلغ 5. 4 مليون يورو، واهتم به
الاتحاد الأوربي والمفوضية الأوربية وارتبطت به عدد من الجامعات والمراكز البحثيةن
ونشأ عنه الاهتمام الحالي بموضوع التعليم عن طريق الجوال، أو ما يشار إليه
اختصاراً بـ
M-Learning. ويستخدم مصطلح M-Learning أو "التعليم عن
طريق الجوال" مؤخراً للدلالة على "ارتباط نظم التعليم
الإليكتروني مع تقنيات أجهزة الهواتف المتنقلة الحديثة، لتقديم المعرفة والمعلومات
والعلوم عن طريق الهاتف الجوال".
استخدامات التعليم عن طريق الجوال
اهتمت الشركات الغربية في الأعوام الماضية باستخدام الجوال
كوسيلة لتبادل المعلومات والمعارف بين العاملين في الشركات ممن يحتاجون إلى التحرك
باستمرار خارج الشركات أو مقار عملهم كمندوبي المبيعات والتسويق وكذلك للتواصل
المستمر والتزويد المباشر بالمعلومات للقيادات التنفيذية والعليا بالشركات
والمؤسسات والتي تعرف بكثرة السفر والتنقل الدائم. لذلك بدأ "التعليم عن طريق
الجوال" يشق طريقه نحو الشيوع من خلال الشركات والمؤسسات التي بدأت تعتمد
عليه بشكل رئيس لخدمة الموظفين دائمي التنقل بها. ويرى الباحثان الغربيان "نوريس وسولواي" في دراسة
نشرت مؤخراً لهما أن من أهم طرق الاستفادة من "التعليم عن طريق الجوال"
هي دعم ومساندة التعلم المرتبط بمشروعات جارية. وهذا النوع من التعلم يتسم بالحاجة
إلى توفر المعلومة في وقت محدد والاستفادة منها بشكل مباشر في خدمة مشروع بعينه، وبالتالي
فإن الجوال يمكن أن يكون من أكفأ وسائل توصيل المعلومة في تلك الحالات. كما أن التعلم عن طريق الجوال يمكن أيضاً أن يتكامل مع منظومة
التعليم التي يمارسها شخص ما بحيث لا يكون بالضرورة بديلاً عن وسائل التعليم
الأخرى، وإنما يكون متمماً ومكملاً لها. ويمكن أن يكون "التعليم عن طريق
الجوال"هاماً أيضاً في استمرار التواصل مع المعلم أو المدرب خارج
قاعات التدريس التقليدية سواء من خلال خدمات التحادث Chatting أو
خدمات الرسائل القصيرة SMS. كما أن "التعليم عن طريق الجوال" يمكن أن يكون أحد
الوسائل التعليمية الهامة التي ترتبط بمشروعات "التعليم المستمر" أو
برامج خدمة المجتمع والتي توجه إلى المجتمع بصورة عامة وتبتعد عن مراحل التعليم
التقليدي المرتبط بالحياة الطلابية. وبما أن الاهتمام بالتعليم المستمر هو أحد
الاهتمامات العالمية في الفترة الأخيرة، فمن المتوقع أن يزداد الاهتمام بالتعليم
عن طريق الجوال الذي سيترافق مع تطورين هامين تشهدهما الحياة المعاصرة: الأول هو
توفر أجهزة الهاتف الجوال لكل شرائح المجتمع، والثاني هو الحاجة المستمرة
والمتجددة في المجتمعات المعاصرة للتعلم والارتباط المستمر بتبادل المعارف
والخبرات.
تحديات تقنية
رغم المزايا المتعددة للتعليم عن طريق الجوال، فإن هناك عدداً
من الجوانب التقنية التي تمثل تحديات كبيرة تحتاج إلى أن يتم التغلب عليها كي يصبح
هذا النمط من أنماط ووسائل التعليم مفيداً ومؤثراً للمستخدمين. وأهم العوائق
التقنية المرتبطة بالهواتف الجوالة كما يحددها الباحث "أندريا هولزينجر"
هي:
- محدودية الذاكرة والقدرات الحسابية للهواتف الجوالة
- اختلاف وتنوع حجم ومساحة شاشة الهاتف
- انخفاض جودة الصورة في الكثير من الهواتف وخاصة القديمة منها
- اختلاف وتنوع أنظمة التشغيل لهذه الهواتف. إن الكثير من هذه المشكلات في طريقها إلى الزوال بسبب انتشار
الهواتف الذكية وأنظمة الجيل الثالث من الهواتف الجوالة، إلا أن أي حلول تعليمية حالية
لابد أن تضع في اعتبارها هذه العوائق وألا تتجاهلها لكي يصبح التعليم عن طريق
الجوال حقيقة ومتاحاً لكل من يملك هاتف جوال، وهو تحد تقني كبير.
تطبيقات التعليم عن طريق الجوال
يحدد الباحث النمساوي "أندريا هولزينجر" في دراسة له
عن ارتباط التعليم المستمر بالتعلم عن طريق الجوال أربع محددات رئيسية تؤثر على
عملية التعليم عن طريق الجوال. وهذه العوامل هي: 1) نوع الجهاز المستخدم، 2) قوة
الشبكة، 3) طبيعة المستخدم، 4) نوع التطبيقات التعليمية المستخدمة. فليست كل الهواتف الجوالة مجهزة تقنياً لاستقبال الوسائط
المتعددة من صور وملفات وغير ذلك. كما أن الشبكات التي تعمل عليها هذه الأجهزة
ترتبط بانظمة تشغيل مختلفة وليست متوافقة في بعض الأحيان خاصة فيما يتعلق
بالتطبيقات المتقدمة للتعليم الإليكتروني. وكذلك فهناك تنوع وتباين شديد في طبيعة المستخدمين
لهذه الأجهزة من ناحية الثقافة ومستوى التعليم واللغة والقدرة على حسن استخدام
الإمكانيات التقنية المتقدمة لأجهزة الجوال التي يحملونها. وأخيراً فإن التطبيقات التعليمية في مجال التعليم عن طريق
الجوال لا تزال محدودة وتحتاج إلى تطويرات تقنية تضع في اعتباراتها طبيعة الوسيلة
نفسها والمحددات التي ترتبط بها. ولعل من أبراز التطبيقات المتوقعة في مجال استخدام
أجهزة الهواتف الجوالة في التعليم المجالات التالية: حل المسائل والتغلب على المشكلات
يتوقع أن يكون من ضمن الاستخدامات الهامة للتعليم عن طريق
الجوال حل المسائل سواء الحسابية أو الفكرية نظراً لسهولة صياغتها ضمن التقنيات المتاحة،
وإمكانية استخدامها في التكامل مع نظم التعليم التقليدي. فمن السهل توصيف المشكلة
أو المسألة كتابة، وطلب الحل من المتعلم، وتقييم النتيجة التي يصل إليها المتعلم،
وتطوير السؤال بشكل يتناسب مع طبيعة الإجابة ودقتها بشكل يحقق التفاعل مع المتعلم
دون تدخل خارجي من المعلم في كثير من الأحيان، وهو ما يساعد المتعلم على التجربة
والخطأ والوصول بنفسه إلى النتيجة الإيجابية المطلوبة من العملية التعليمية. التعلم بالاكتشاف
وهي وسيلة هامة ومفيدة للتعلم.. ويمكن من خلال الهاتف الجوال
إتاحة الفرصة للمتعلم للتعامل مع موضوع علمي أو تعليمي معين عن طريق الاستكشاف
سواء بالقراءة أو بالإجابة على الأسئلة أو الانتقال عبر منظومة تعليمية متدرجة بشكل
يسمح للمتعلم بالتراكم المعرفي من خلال خطوات متتالية تهدف كل منها لتنمية حاسة
البحث والاستكشاف واستخدامهما معاً لتوصيل المعرفة وتأكيد احتفاظ الذهن بها. وبما أن أجهزة الهواتف الجوالة هي وسائل تواصل متميزة، فإن
استخدامها في التواصل بين المتعلمين وحثهم على تنمية قدرات الاستكشاف المشترك يمكن
أن تكون أحد وسائل تطوير وإتقان العملية التعليمية عن طريق الجوال، إضافة إلى تطوير
المواد التعليمية المتاحة للمتعلم من خلال التواصل مع الآخرين ممن يشتركون في نفس
مجال الاهتمام.
مستقبل التعليم عن
طريق الجوال
من المتوقع أن يكون التعليم عن طريق الجوال أحد وسائل التعلم
وتبادل المعارف في المجتمعات خلال هذا القرن، ولكن ليس من الواضح أو المعروف
حالياً مدى تقبل الشخص العربي لاستخدام الجوال في التعلم أو قبوله كوسيلة من وسائل
التعليم في المستقبل. وسوف يعقد في بداية العام القادم في شهر إبريل أحد المؤتمرات
الهامة في عمان الأردن، والتي سوف تتناول هذا الموضوع بالتفصيل من خلال مجموعة من الباحثين
الغربيين والعرب. ومن المأمول أن يكون لموضوع تلائم هذا النظام من أنظمة التعليم
مع الشخصية العربية اهتماماً من الباحثين بالمؤتمر (لمريد من المعلومات حول
المؤتمر- انظر العمود الجانبي المرفق). وأخيراً لابد من القول أنه لا شك ان الشخصية العربية اجتماعية
بطبعها، وتعشق وسائل التواصل الحديثة وتحب اقتنائها، ولكن هذه الشخصية تميل أيضاً إلى
أجواء التعلم الجماعي، أو من خلال وسائل التواصل المباشر شفاهة وتخاطباً وسماعاً،
ولذلك فقد يحتاج الأمر إلى المزيد من البحث والدراسة من قبل الأكاديميين لمعرفة
مستقبل هذا النظام الجديد من نظم التعليم الإلكتروني.
مواقع مفيدة للمزيد من المعرفة حول الموضوع:
http://www.m-learning.org/معلومات عامة عن
التعليم عن طريق الجوال
http://www.imcl-conference.org/welcome.htmالمؤتمر الأول عن موضوع
التعليم عن طريق الجوال في العالم العربي في عمان الأردن في الفترة من 16 21 أبريل
2006م
http://www.m-learning.org/reports.shtmlأبحاث أكاديمية في
المجال.. ويتضمن أيضاً مجموعة من المحاضرات والشرائح الإليكترونية
http://www.pjb.co.uk/m-learning/articles.htmمقالات صحفية
وإليكترونية حول التعليم عن طريق الجوال
http://www.mcgrawhill.ca/college/mlearning/تحالف بين مجموعة من
الشركات الغربية لخدمة موضوع التعليم عن طريق الجوال بين طلاب الجامعات
http://mlearning.rave.ac.uk/mlearning/home/main.htm
0 التعليقات:
إرسال تعليق