محرك بحث متخصص في تكنولوجيا التعليم


قام مركز أبحاث التعليم العالي التابع لجامعة شيكاغو الأمريكية بتصنيف المغرب في المرتبة ما قبل الأخيرة من حيث الراتب الذي يتلقاه المعلم، وحلّت الجزائر في المرتبة الأخيرة في نفس اللائحة التي شملت دراسة لأربع عشرة دولة. جاءت قطر في المرتبة الأولى حيث أن تقدير أجر المعلم في قطر هو نفسه أجر وزير في حكومة المغرب.
هذا معناه أنه في الدول العربية نفسها هناك اختلاف كبير جداً من حيث تقدير مهنة المدرّس عموماً. دول المغرب العربي لا تزال تعاني الكثير من العوائق بهذا الصدد، إذ إن المغرب فقط في السنوات الأخيرة بدأ يحسّن القليل من أوضاع المدرسين ويسهر على بعض حقوقهم، رغم أن ذلك الإهتمام لا يزال تحت المتوسط بكثير.
يتذكر الكثير منا ذلك الرد الصاعق الذي أعطته "أنجيلا ميركل" المستشارة الألمانية للقضاة والأطباء والمهندسين الذين طالبوا بزيادة الأجر، علماً أن المعلمين هم الأعلى أجراً في ألمانيا وحدها : "كيف تريدون أن أساويكم بمن علموكم؟"
من الناحية التطبيقية ذلك أفضل جواب ممكن في تلك الحالة، فإذا كانت ألمانيا تقدّر مهنة المدرّس وتعلم أنه من دون التعليم لن يصل الطبيب ولا المهندس والقاضي ولا الوزير لما هو عليه، فإن الدول العربية التي من المفترض أن تعير هذه المهنة أكبر اهتمام ممكن لأجل تطوير وبناء مختلف الميادين وتكوين أطر عليا مؤهلة لقيادة الوطن، لا تزال تهمّش هذه الطبقة، ولا تسهر على توفير الظروف الصحية والتربوية الملائمة للمدرس كي يؤدي مهمته على أكمل وجه.
إذا أردتم معرفة مستوى وعي وتنمية وطن ما، انظروا للقيمة التي يعطيها لعلمائه ومدرّسيه، وستجدون الجواب في الحين.
في المغرب، وبغض النظر عن مسألة الرواتب الضعيفة، هناك ظواهر أخرى لا تعيرها الوزارة المكلفة اهتماماً حقيقياً، وهي مشاكل العنف ضد الأستاذة من طرف تلاميذهم، مشكلة العمل في المناطق القروية التي لا توفر أدنى شروط العيش للأستاذ الذي يعمل هناك بعيداً عن منزله، كما أغلب المدرسين في تلك المناطق مجبرون على تدريس أكثر من مستوى تعليمي واحد في اليوم. هذا إذا لم يكن هناك اكتظاظ كبير في القاعة الواحدة التي قد تكون الوحيدة في المدرسة.
 نحن إذن أمام مشكلة حقيقية لطالما أشرنا إليها في مقالات سابقة، وهي كيف يمكننا إقناع الحكومات العربية بأهمية التعليم ؟ وإذا كانت تعرف وتتعمد هذا التجاهل المقصود، فما الحل الذي يمكن أن تجده الشعوب لأجل ذلك ؟ هل نحن بحاجة إلى ثورة تربوية وفكرية تعيد للمواطن حقه في التعليم السليم قبل كلّ شيء ؟ ألسنا بحلّنا لمشاكل التعليم سنحل مشاكل باقي القطاعات التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بهذا الأخير ؟
في المغرب هناك مسألة معروفة جدا في أوساط المعلمين الجدد، وهي أن الذين يتم توظيفهم حديثاً في الغالب ترسلهم الوزارة لمناطق خارج المدن وبعيدة جدا عن أهلهم، ولا تتوفر فيها، كما رأينا سابقاً، أدنى مقومات الحياة، هذا دون مراعاة لجنس المعلم، لأنه من الصعب على الفتاة أن تعمل في أوضاع مشابهة، ومع ذلك فإنهم لا يملكون خياراً سوى القبول بالوظيفة بعد العناء الطويل. هذه من بين المشاكل التي لم يجد لها المعلم المغربي حلاّ لحد الساعة، وهي مشكلة منتشرة في معظم الدول النامية، لا يزال هناك فرق كبير بين المدن والقرى، والفقر يؤدي لانتشار ظاهرة "الهدر المدرسي" أيضاً، فإذا كان المعلم غير مرتاح أبداً في وظيفته وظروف عيشه مزرية، كيف تتوقع الوزارة او الآباء أن يلقي دروساً بشغف لكي يستفيد التلاميذ ؟ في النهاية يتم إلقاء اللوم على الأستاذ والمعلم، ولا يتم الإكتفاء بانتهاك حقوقه وأبسطها.
رحم الله علماء المسلمين القدماء، وشعراءهم، وأولئك الذين طوروا العلوم كما ينبغي، وكانوا يعطون المعلم قيمته الحقيقية من التبجيل والإحترام، ورحم الله شاعرنا أحمد شوقي حين قال :
“قم للمعلم وفِّه التبجيلا ... كاد المعلم أن يكون رسولا” 

بواسطة إيمان ملال  لموقع تكنولوجيا التعليم

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Top