يعتبر التعليم الذي يستخدم الحاسوب ووسائط الاتصال المتعددة، والذي يعرف اصطلاحا باسم "التعليم الالكتروني" احد الطرق الحديثة التي دخلت إلى التعليم بهدف تسهيل وتعزيز التعلم من خلال توظيف التقنيات المتطورة ،بدءا من التلفزيون الرقمي وأجهزة النقال و الحاسوب وشبكة الانترنت وما يشمله ذلك من بريد الكتروني ومنتديات الحوار وبرامج الحاسوب التعليمية وغيرها. ويستخدم التعليم الالكتروني كركيزة هامة في العملية التعلمية الحديثة وذلك من خلال استفادة المؤسسة التعليمية من مدارس وكليات وجامعات للثورة الهائلة في عالم التكنولوجيا والحاسوب. فلم يعد يقتصر على دور التقنيات الحديثة كنوع من الوسائل المعينة بل تعدى ذلك إلى ظهور نزعة تربوية غاية في الأهمية تعرف باسم تكنولوجيا التعليم.
ولعل تعليم اللغة الإنجليزية قد أفاد جدا من تقنيات الفنية
الحديثة وخاصة الحاسوب، حيث ظهر توجها هاما في السبعينيات من القرن الماضي حيث عرف باسم تعلم اللغة الإنجليزية بمساعدة الحاسوب (Computer_assisted Language Learning: CALL) (موسوعة ويكيبيديا)، وكان الهدف الأساسي من استخدام هذا التوجه هو كوسيلة تساعد في عرض وتعزيز وتقييم تعلم اللغة الإنجليزية.
وستحاول هذه المقالة طرح دور المعلم في تحقيق إستراتجية التعلم الالكتروني في مؤسسته التعليمية وذلك من خلال الإجابة على التساؤلات التالية: ما هو التعليم الالكتروني كأسلوب تعلم ؟ وما هو دور المعلم في اتخاذ قرار نحو تحقيق استراتيجية استخدام هذا التعلم في مؤسسته التعلمية؟ وما هي حاجة المعلم الفعلية للتعليم الالكتروني؟ وهل بقي هذا المعلم أداة تنفيذية لنشاطات كتاب مقرر؟ وهل دوره يتعدى ذلك إلى تصميم المادة التعليمية؟ وماذا بخصوص معرفة المعلم للجانب الفني التقني؟
التعلم الالكتروني:
كما ذكرنا سابقا، فان المتعلم غدا محور العملية التعلمية التعليمية مما يعني الاستجابة لحاجاته وقدراته التعلمية، وبالتالي فانه بات من الواضح ان استخدام التقنيات الفنية والثورة المعلوماتية الضخمة من خلال تكنلوجيا المعلومات في حاجة تعليمية تستجيب لحاجات المتعلم سواء على المستوى الفردي او على مستوى التعلم الحديث الذي يواكب متطلبات المرحلة. ويمكن الحديث عن تعليم اللغة الانجليزية كلغة اجنبية كنموذج لذلك، حيث بدأ توظيف الحاسوب في تعليم اللغة الانجليزية في برنامج (CALL) والذي كان استجابة طبيعية للطريقة التواصلية في تعليم الانجليزية والتي تجعل المتعلم وحاجاته جلّ اهتمامها،
وكان دور المعلم يكمن في اعداد نشاطات لغوية واوراق عمل وصور توضيحية وتمارين ونصوص استعياب ودروسا باللغة لا تتعدى كونها مادة اثرائية لمادة الكتاب المقرر ومن ثم يتم ادخالها الى الحاسوب كبرامج مساعدة اما بواسطة المعلم نفسه او من خلال طاقم السكرتاريا في المدارس، وعادة ما يتم تخزينها على الحاسوب في مختبرات اللغات او يتم تخزينها على اقراص مرنة للاستخدام فيما بعد، وكانت حصص اللغة الانجليزية تستعين بالحاسوب بشكل أو بأخر دون إهمال للحصص التقليدية . وبالتالي فان دور المعلم بقي كما في التعليم التقليدي.
ومع تطور التقني اخذ منحى استخدام طريقة (call) يقدم مدخلات متطورة ويثير جدلا في اوساط التربويين واللغويين من حيث عزلة المتعلم في التواصل اللغوي والتعامل مع الة (الحاسوب) بشكل يفقد التواصل الضروري في تعلم اللغة (بايبر 1986، 187ص). الا ان المدافعين عن استخدام التكنلوجيا في التعليم – والتي لسنا بصددها هنا- سرعان ما ارتأوا بان الاعداد الجيد للمادة العلمية والتخطيط الجيد للحصة التي تستخدم الحاسوب يمكن ان يتجاوز هذه المشكلة.
ومع انتشار الحاسوب واستخدام شبكاته في المدارس من خلال ادخال مواد دراسية مثل التكنلوجيا او مادة الحاسوب اصبح تدريب المتعلم على استخدام الحاسوب مدرسيا امرا متوفرا. وفي نفس الوقت يفترض ان مجموعات المعلمين في المدارس تجيد استخدام الحاسوب الشخصي سواء بجهد فردي او من خلال دورات تعقدها ادارات التعليم في تعليم الحاسوب للمعلم كمستخدم للجهاز.
المعلم والتعلم الالكتروني:
ولكن كيف يمكن للمعلم أن يلعب دورا في الانتقال من أساليب التعليم التقليدي إلى التعلم الإلكتروني؟
اولا- يتوجب على المعلم ان يفهم تماما ما هو المقصود يالتعلم الالكتروني؟ وان لا يفترض أن مجرد استخدام الحاسوب او التلفاز والفيديو كوسائل تعليمية معينة هو تطبيق للتعلم الالكتروني الحديث. فمثل هذا التعلم يمكن اعتباره بأنه استخدام برامج إدارة نظم التعلم والمحتوى باستخدام تقنية الانترنت، وفق معايير محددة (موقع تقنيات التعلم 2005) ويمكن إعداد التعليم الالكتروني عبر شبكة ما او عبر الانترنت أو عبر الأقراص المدمجة، ويمكن أن يتضمن نصوصاً مكتوبة, أفلام فيديو, تسجيلات صوتية وبيئات حية أو افتراضية، كما يمكن لخبرة التعليم الالكتروني أن تكون غنية جداً بحيث تتفوق على مستوى التدريب الذي يمكن أن يختبره الطالب في الصفوف المزدحمة ,اذ يمكن ان نعتبره كشكل من تعليم ذو صفة ذاتية.
ويأخذ التعليم الالكتروني عدة أشكال منها التعليم المتزامن والذي يتطلب وجود المعلم والمتعلم اثناء استخدام التعلم والتعلم غير المتزامن والذي يعني أن يقوم المعلم بوضع مصادر مع خطة تدريس وتقويم على الموقع التعليمي، ثم يدخل الطالب للموقع أي وقت ويتبع إرشادات المعلم في إتمام التعلم دون أن يكون هناك اتصال متزامن مع المعلم. ويمكن دمج النمطين السابقين معا في حصة دراسية واحدة. وما يهمنا هنا كمعلمين هو التعلم الالكتروني المباشر وليس التعلم عن بعد الذي يعتبر كأحد أنماط مثل هذا النوع من التعلم.
ثانيا- أن يدرك المعلم أهمية هذا النوع من التعلم كوسيلة تستجيب لمقتضيات التقدم التقني من ناحية وتستجيب لحاجات المتعلم والتعليم من ناحية أخرى. وان نؤمن أن للتعليم الالكتروني فوائد كثيرة تتفوق على ما يحققه التعليم التقليدي، و لعل أكبر فوائد هذا النوع من التعليم هي التعلم الذاتي والسرعة والتجدد و المرونة التي يقدمها، وزيادة الدافعية لدى المتعلم من خلال العناصر المتعددة الداخلة في التعليم الالكتروني والتي تعمل على تعزيز الرسالة المراد إيصالها إلى الطلاب وذلك من خلال وسائل مثل أفلام الفيديو، المؤثرات الصوتية، الأحاجي وغيرها . كما أن هذا التعلم يعزز التفاعل بين المتعلم والمحتوى التعليمي ومحتوى المعرفة، كما أنه يساعد المعلم على تحسين أدائه وتيسيره عبر عرض مادته الرئيسية بسهولة ويسر، ومتابعة طلبته بسهولة وبالطريقة التي تمكنه من تقييم أدائهم بصورة دقيقة مما يسمح له باستنباط أفضل الطرق لتحسين الأداء لدى المتعلم.
وإذا ما أدرك المعلم كل الأمور السابقة فان العمل على الأخذ بالاتجاهات الحديثة في التعليم وتضيق الفجوة بين المعلم والتطور المعلوماتي التي ينادي بها الكثير كما هو الحال في عالمنا العربي( البهلال، جريدة الرياض 2006)، فان هذا يتطلب جهدا من جانب المعلم يتساوق مع الأهداف المرجوة من التعلم الالكتروني.
ثالثا- أن يعمل المعلم على تحديد أهدافه التي يتوخاها من استخدام برنامج في التعلم الالكتروني. ويكون ذلك عبر ما أوردته جنيفر فاريس (فاريس، 2005) في تحليلها لاستراتيجية التعلم الإلكتروني عبر تحديد حاجات المتعلم ذلك من اجل التحقق من حاجات المتعلم التعلمية وعوامل الدافعية لديه لتعلم اللغة أصلا والحاجات الفنية من قدرته ورغبته في استخدام الحاسوب والشبكات في التعلم وإمكانية وكلفة الاتصال عبر شبكة الانترنت وقبل كل ذلك إمكانية توفر ذلك في المؤسسة التعليمية.
ويمكن تحديد الحاجات من خلال استبانة توزع على المتعلمين تورد أسئلة تتناول الجانب التعليمي البحت وأخرى تتعلق بالأمور الفنية من حيث الثقافة المعرفية بالحاسوب والشبكات.
رابعا- تحديد عناصر التعلم الإلكتروني والتي تشمل الجانب الفني من حيث أجهزة الحاسوب ووفرة الاتصال بالشبكات وتوفر مسؤول الدعم الفني والصيانة الفنية لمثل هذه الأجهزة. ومثل هذا العنصر تقع مهمته على الجانب الإداري في المؤسسة التعليمية،
وضع ميزانيات البرامج التعلمية واستخدام الكوادر المتخصصة هي ليست من مهام المعلم. أما العنصر الثاني في التعلم الالكتروني هو تحديد المحتوى والذي يقع على عاتق المعلم بشكل أساسي.
والمحتوى التعليمي يمكن ان يأخذ عدة أشكال ويكون متعدد المصادر. وعليه فان المعلم مطالب عند تحديده لمحتوى برنامج التعلم الالكتروني في مادته أن يقرر فيما إذا كان يريد برامج جاهزة أو يريد بناء وإعداد مادته بنفسه، وهل يعرف المصادر التي ينهل منها في إعداد المحتوى؟ كما يطلب إلى المعلم أن يحدد دوره كمصمم للمادة أم كمنّفذ لمادة تعلمية متوفرة وجاهزة؟
نبذة تعريفية عنك
Top
0 التعليقات:
إرسال تعليق