محرك بحث متخصص في تكنولوجيا التعليم

كيف نحمي أولادنا من أضرار الإعلام؟
قال أحد الحكماء: "أخبرني بحال شباب الأُمّة أُنْبِئْكَ بمستقبلها"، ولعل ذلك يفسر سهام الأعداء الموجهة إلى أُمّتنا الحبيبة، قاصدة شبابها، ومن أخطر هذه السهام سموم وسائل الإعلام.
فلاشكّ أنّ للإعلام تأثيراً كبيراً على أولادنا، وهذا التأثير قد يكون إيجابياً وربّما يكون سلبياً، ومن هنا تبرز أهمية التربية الإعلامية، كما تتضح أهمية أدوار الآباء والأُمّهات في حماية الأسرة من سلبيات وسائل الإعلام، سواء المقروءة، أم المرئية، أو المسموعة.
ويمكن إيجاز أدوار الأسرة إزاء تأثيرات الإعلام من أمرين أساسيين، هما:
1- التربية الإعلامية:
وأقصد بها: "عملية منظّمة مقصودة تهدف إلى إفهام الأولاد آليات عمل الإعلام، وتأثيراته، وكيفية التعامل مع وسائله بشكل يفيدهم ويجنبهم أضراره".
2- المسؤولية الإتّصالية الإيجابية:
وتعني: "مشاركة الأسرة في تقويم وسائل الإعلام، والمشاركة في تطويرها، بتبني مواقف إيجابية تؤثّر في إصلاح وسائل الإعلام، ومواجهة تأثيراتها السلبية، وذلك عن طريق الإتّصال بالمؤسسات المعنية، ونقد التأثير السلبي، ودعم التأثير الإيجابي".
وثمة واجبات على الأسرة ترتبط بالتربية الإعلامية، وواجبات أخرى ترتبط بالمسؤولية الإتِّصالية.
- الواجبات الأسرية المرتبطة بالتربية الإعلامية:
1- أن يضع الوالدان ضوابط للتعامل مع وسائل الإعلام.
2- تزويد أفراد الأسرة بالقدرة على التمييز بين الجيِّد والرديء من البرامج الإعلامية، أي "فلترة" ما تبثه وسائل الإعلام.
3- توسيع مساحات الحوار بين الوالدين والأولاد، وإعتماد مبدأ المصارحة والشفافية.
4- تطوير مهارات التساؤل لدى الأولاد حول وسائل الإعلام وتحليلها وتقويمها.
- الواجبات الأسرية المرتبطة بالمسؤولية الإتِّصالية:
فعلى مستوى المسؤولية الإتِّصالية يمكن للوالدين أن يساعدا أولادهما على إستثمار وسائل الإعلام، والإفادة من إيجابياتها، والحماية من أضرارها، وتفادي أخطارها وسلبياتها،
وذلك عن طريق:
1- وضع خطة إعلامية للأسرة، على أن تحدّد فيها الأوقات المخصّصة لمشاهدة وسائل الإعلام والتعامل معها، حيث تساعد هذه الخطة أفراد الأسرة على الإختيار بعناية وتنظيم الوقت.
2- وضع حدود لأوقات المشاهدة – أي الفترة المسموح بها للإبن بالتلقي من وسائل الإعلام – ويتراوح الوقت المناسب لذلك بين ساعة وساعتين يومياً، كحد أقصى مسموح به،
 بما في ذلك الفضائيات، والإذاعة، وألعاب الحاسوب، وخدمة الإنترنت.
3- وضع إرشادات أسرية تعين الأولاد على إختيار برامج وألعاب ملائمة وهادفة.
4- كن حازماً وغير متردّد مع الأولاد في تطبيق لائحة البيت الخاصّة بالتعامل مع وسائل الإعلام،
واشرح لهم: لماذا تختلف معهم؟ وبين لهم البدائل المفيدة، وقيمة الوقت في حياتنا ومماتنا.
5- لا تضع التلفاز والفيديو وجهاز الحاسوب في غرف النوم، ولتكن في مكان يتاح للجميع رؤيته – كالصالة مثلاً – أو في أماكن يشعر فيها الأولاد أنّهم ليسوا في خلوة.
6- إذا لم يتح وضع التلفاز في مكان يمكن أن تشاهده، وسُمح للأولاد بوضع التلفاز أو الحاسوب في غرفة نومهم فلتتابع إختياراتهم ولتقوِّمها.
7- اجعل وسائل الإعلام ضمن خطة الأنشطة الأسرية، وبمعنى آخر خصّص أوقاتاً لمشاهدة بعض برامج الإعلام أنت وأفراد أسرتك مجتمعين، وتحاوروا في الموضوعات والبرامج التي تشاهدونها، وليكن حوارك مع أولادك حواراً هادئاً، شاركهم فيه، ودرِّبهم على التحليل والنقد، وغُصْ بهم في معاني الرسائل الإعلامية، ودربهم على اكتشاف أهدافها، فعرفهم بالمنتجات غير الصحّية المعلن عنها – كالسجائر مثلاً – وانقد معهم التصرُّفات غير الأخلاقية، والسلوكيات السلبية، كالعنف، والإيحاءات الجنسية... وغيرها.
8- ارصد أية تغيُّرات سلبية تطرأ على أيِّ من أولادك، فإن حدث ذلك فبادر بالرجوع إلى متخصّص، فاكتشاف مثل هذه التغيُّرات باكراً ييسر تداركها وتلافيها وعلاجها، واهتم بغرس القيم الإيجابية البديلة.
9- تغيير المحطّة الفضائية عندما يظهر مشهد سلبي، وذلك إن كنت تشاهد برنامجاً مفيداً وتخلله مشهد أو إعلان سلبي.
10- عبِّر عن رأيك بإتّصال هاتفي أو بوسيلة أخرى، وخاصة في مجال البرامج الإعلامية والإعلانات والدعايات المدمرة للقيم والأخلاقيات، وحاول دائماً أن ترتقي بالتوعية الإعلامية لأولادك.
11- شارك بإيجابية في دعم التربية الإعلامية بمدرسة أولادك.
12- شارك في ورش العمل التي تعقدها المؤسّسات الإعلامية والتربوية وسائر جماعات المجتمع المحلي، التي تقوم برامج الإعلام وتطوّرها.
13- اهتم بتربية أولادك على العفة والفضائل، وخذ بمبدأ المناعة لا المنع، ومن أهم سبل التربية ووسائلها في ذلك ما يلي:
* اشحذ عزائمهم وهممهم ودوافعهم نحو تغيير الذات، فأي دواء لا ينفع صاحبه إن لم يكن لديه العزم والإرادة، فالطفل نفطمه عن الرضاعة برغم حناننا عليه وضعفنا تجاهه، لكنّنا نفطمه بحزم وعزم ودون تردد، ومن ثمّ فما رأينا بيتاً واحداً فشل في فطام الطفل عن الرضاعة، فلتكن عزائمنا وعزائم أولادنا قوية، ولنحسم معاً فوضى مشاهدة وسائل الإعلام وبرامجها الضارة
قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (159) سورة آل عمران
، فاعزموا وتوكّلوا أيّها الآباء والأبناء وأيّتها الأُمّهات والبنات.
* ربِّ أولادك على غض البصر، وليكن في قلوبهم وملء أعينهم وجوارحهم قوله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (30) سورة النــور  {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِوَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ } (31) سورة النــور
* حذِّرهم من عاقبة النظرة التي وصفها النبي (ص) بقوله: "النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة، فمن تركها من خوف الله أثابه – عزّوجلّ – إيماناً يجد حلاوته في قلبه".
* احرص على تصحيح المفاهيم السلبية، فمن ذلك قناعة بعض الشباب والفتيات بالإختلاط بين الجنسين كعلاج للشهوة، فعالج ذلك بتنبيههم إلى هدي الإسلام في ذلك، وكذلك بأحداث الحياة الواقع، فمن يفعل ذلك فمثله كمثل من يطفئ النار بالبنزين.
* ذكرهم بأنّهم على ثغرة من ثغور الإسلام، وحذرهم من أن يؤتى الإسلام من قِبَلهم، أو أن يكونوا لقمة سائغة لأعداء الله.
* عرّفهم بواجبهم نحو الإسلام، ووجوب الأهداف المنشودة.
* اجعل نشيدهم الدائم: "الله ناظري"، وعلِّق لوحات تذكيرية في أماكن جلوسهم للمشاهدة، أو اجعلها خليفة الكمبيوتر أو بجوار التلفاز،
 ومن ذلك قوله سبحانه: {مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} (13) سورة نوح "لا تجعل الله أهون النظارين إليك".. فليحذروا أن يراهم الله على معصية، ولا يغرنهم حلم ربهم، فإنّ أخذه أليم شديد، فقد يأتي الموتُ للإنسان وهو على معصية، فتسوء خاتمته، فقد صح عن رسول الله (ص): "مَن مات على شيء بعثه الله عليه".
* شارك أولادك الطاعات والعبادات وشجّعهم على التقرّب من الله تعالى، وادفعهم إلى أن يبحث كل منهم عن دور يناسبه ويليق به، ويحقق معالي الأمور.
* علِّمهم فقه الصداقة، وكيف يختارون أصدقاءهم: واحرص على أن تعرف أصدقاء أولادك، وأن تخطّط أنشطة ومواقف ترى فيها أولادك وأصدقاءهم يتصرّفون ويتحدّثون بتلقائية ودون تكلّف، كي تتعرّف عليهم من قرب.
* اربط أولادك بالمسجد وصحبته، حتى يستنشقوا عبير الإيمان والتوحيد من منبعه الأصيل، واجعلهم يصطحبون أصدقاءهم إلى المسجد.
* غرس قيمة المراقبة وإيقاظ الضمير، وتنمية الوازع الديني في نفوس الأولاد، وتدريبهم على إستثمار أوقاتهم بعد تعريفهم بقيمة الوقت وأهميته في حياتهم.
* إغلاق وسائل الإعلام – كالتلفاز والإذاعة وغيرهما – عند إنجاز الواجبات أو الدراسة أو التفكير في الأمور المهمّة.
* احرص على أن تطلع على كل برامج جديدة تستميل أولادك، وعلق على ما تشاهده مع أولادك، وكأنّك تحدث التلفاز وتحاوره، مبيناً إيجابيات ما تشاهدونه وسلبياته.
* إيجاد بدائل إيجابية للبرامج الإعلامية، فيمكن إيجاد بديل لأفلام التلفاز ومسلسلاته بالأفلام الهادفة المفيدة والفنّ المثمر، وذلك عن طريق شرائط الفديو، وكذلك الحال بالنسبة للألعاب وأفلام الكرتون (الرسوم المتحرّكة).
* بعض الآباء يسمحون لأبنائهم بمشاهدة الأفلام في دور العرض مع أصحابهم ويكتفون بذلك، والواجب ألا يقتصروا على ذلك، بل لابدّ من تعرّفهم الدقيق على أصحاب أولادهم، ومتابعة ما يشاهدونه وتقويمه، وتوجيه الأولاد بالأساليب التربوية الحكيمة.
- عزيزي القارئ:
قد تبدو هذه الواجبات شاقة ومرهقة، إلا أن أولادنا يستحقون منّا أن نبذل الغالي والنفيس من أجل حمايتهم وإصلاحهم، فكل المتاعب تهون بنظرة واحدة منا لأولادنا وقد ارتقت أخلاقهم وذوقياتهم، فذلك ينسينا متاعبنا ومعاناتنا، عندما تقر أعيننا بأفلاذ أكبادنا.
إعداد المعلمة آلاء مختصة صعوبات قرائية

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Top