محرك بحث متخصص في تكنولوجيا التعليم





من هو التلميذ الفاشل؟ وهل هو موجود حقا في منظوماتنا التعليمية؟ ثم، بأي معيار يمكن الحكم على مستوى ذكاء التلميذ من عدمه؟ ألم يكن معظم مؤسسي الشركات العالمية "فاشلين" حسب معايير المدارس والثانويات وأحيانًا الجامعات التي درسوا بها؟ غالبًا ما يتم نعت التلميذ الذي يحصل على علامة "الصفر" بأنه "فاشل"، وغير قادر على التجاوب مع الدروس التي تقدم له، وقد يتجاوز الحكم ذلك كله ليتم نعته بالغباء والتخلف العقلي! لكن ما هي حقيقة العلامة المتدنية التي يحصل عليها التلميذ؟

أثبتت دراسات كثيرة أنه لا وجود لما يسمى "علامة الصفر"، ذلك أنها تفترض عدم وجود أية معرفة تخص الإختبار الذي يخضع له التلميذ، وهو ما ليس صحيحًا على الإطلاق، حيث أن تلك العلامة لا تخص اختبارًا واحدًا فقط، بل تتجاوزه بأن تصبح علامة تظل مرافقة لسجّل التلميذ طيلة دراسته، وهي التي تحدد علامته النهائية التي تخص مستواه في سنة دراسية معينة. تلك العلامة إن كانت تدل على شيء فهو سوء تقييم العقول، وعدم قدرة النظام التعليمي على التعامل مع مختلف أنواع الذكاء. وقد فصّلنا الأمر في مقال سابق على الموقع.

ففي حين أصبحت الدول الغربية تفتح آفاقًا واسعة وتعطي فرصًا متكافئة للتلاميذ قصد ترسيخ روح الإبداع والتميز والمنافسة لديهم، لازلنا نحن نتحدث عن تلميذ في المستوى وآخر دون المستوى ونواصل ممارسة سياسة الإقصاء هذه التي تدلّ  على أن وزارات التعليم لم تعد قادرة على تحمل تكاليف الدراسة المجانية التي تمنحها لمواطنيها.

في الدول المتقدمة حين ينهي التلميذ فترة الدراسة الثانوية يفتح له كلّ  باب يريده في الدراسات الجامعية، سواء رغب في الهندسة أو الطب أو المعلوميات أو غيرها، ودراسته الجامعية هي ما يحدد جدارته بالتخصص من عدمها، وحينها فقط يتم تصفية الطلاب حسب ما يستحقونه، أما لدينا في المغرب مثلًا  التصفية تبدأ من آخر سنة في الثانوية، معدلك في الباكالوريا يحدد معالم حياتك كلها، إما أن يسمح لك بدخول المعاهد التي تريد أو لا يسمح لك، وبالتالي يكون مصيرك الجامعة. وكأن طموحك وشغفك وأحلامك وجهدك كله يتم بناؤه على اساس ما حصلت عليه من معدل في بضع ساعات اجتزت فيها امتحانا وطنيًا. هناك خلل في التعامل مع التلميذ والطالب كإنسان ومشروع مبدع، وهذا هو عمق المشكل.

ولعل أغرب مشهد يمكن تناوله أخيرًا هو أن العربي هذه الأيام، إذا رغب في المشاركة في برنامج أو مسابقة فنية، فإن الباب يفتح أمامه على مصراعيه، حتى دون أن يطرقه، ودون أية شروط مسبقة، لكي يصبح فنانًا- على الطريقة العربية المعاصرة -  في حين إذا رغب في ولوج مجال تعليمي معين، بدأت الشروط والتعقيدات في الظهور أمامه، وهذا المشهد يجعلك تفكر في أن من يضع هذه الشروط و يفتح المجال للفن يريد أن يقول للعالم إن بلادنا تملك من الفنانين ما لا تستطيع دولة أخرى امتلاكه، ,كأن الفخر هو في التكوين السلبي لفيروسات تنشر العتمة والجهل في المجتمع، وكأنا الفن هو بعض الترهات التي لا جدوى منها، وبعض المهرجانات التي لا صلة لها بثقافتنا الأصيلة. هنيئًا لنا إذن ببرامج صناعة المواهب الغنائية والراقصة، ووهنيئًا للغرب سياسة استيراد النوابغ والأدمغة. 
لا صلاح لأمة فسدَ  تعليمها.


بواسطة إيمان ملال

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Top