لم تأت مقولة "الحاجة أم الإختراع" من فراغ. إذ من المعلوم أن أهم الإكتشافات وأخطرها ظهرت في زمن الحروب بدافع البقاء، في حين تسعى جهود البحث العلمي في زمن السلم إلى تطوير شروط الحياة وزيادة مستوى المعيشة. ترافق تطور الأجهزة العلمية مع تطور المعلوماتية التي عمّت فوائدها كافة المجالات، وكان من أهمها مجال الأبحاث العلمية. نتناول هنا بالتحديد نظام المعلومات الجغرافية GIS، وهو برنامج حاسوبي بدأ استخدامه منذ نصف قرن في الدول المتقدمة، صُمم بالأساس لمعالجة واستخدام معلومات وبيانات وصفية وكمية، وواصل تطوره مع تطور أجهزة الإنفورماتيك من الحاسوب والبرمجيات مما أدى إلى بسط نطاق الاستفادة منه لقطاعاتٍ مختلفة، تلك الأجهزة التي من الممكن العثور عليها بنماذج مختلفة ومستعملة من مواقع الاعلانات المجانية كما في مصرمثلاً، وبالتالي إستخدام الإصدار المناسب من البرنامج مع الجهاز الذي يتوافق معه.
أدى استخدام هذا النظام في الدراسات الجغرافية الحضرية الى أحداث نقلة نوعية في قسمي التخطيط والإدارة، ساهمت في حل كثير من المعضلات التي تعاني منها المدن ورفع كفاءة أداء وظائفها، مثل تحديد مواقع الأنشطة والخدمات والطرق المؤدية إليها، وربط البيانات الإحصائية والتخطيطية بالمواقع المكانية، وإدارة الأراضي من خلال قاعدة بيانات خاصة بها، وتوزيع إستعمالات الأراضي الآهلة وتطويرها بمرور الزمن، إدارة خدمات شبكات البنى التحتية كالماء والكهرباء والغاز ومياه الصرف الصحي والطرق، ورفع مستوى أداء خدمات الدفاع المدني، وكذلك تحليل الأنشطة والخدمات المجتمعية و تحديد اتجاهات التوسع المستقبلي للمدينة. ومع ظهور خدمات خرائط جوجلوتطورها بشكل حثيث وتوفيرها البرامج المجانية، أصبح من البديهي أن مزاوجتها مع نظام المعلومات الجغرافية سيرفع بشكل ملموس من درجة كفاءة وفاعلية استخدامه حتى في البيئات النائية الشحيحة الموارد.
نذكر على سبيل المثال بحوث أجريت في المكسيك بهدف الاستفادة من تطبيقات جوجل الجغرافية في دعم نظام المعلومات الجغرافية من أجل تعزيز قدرات الصحة العمومية ورفع مستوى معالجة الأمراض المعدية وذلك عن طريق إعداد المعلومات عن البيئة الأساسية للمدن وعرض المعطيات الصحية العمومية مباشرة على الصور المادية للوسط. وخلصت الدراسة التي تناولت مدينتين مكسيكيتين إلى أن الجمع بين استخدام برامج خرائط وصور رصد الأرض المجانية لموقع جوجل، مع برنامج نظام المعلومات الجغرافية كخرائط الصحة العمومية المعدة من قِبَل منظمة الصحة العالمية، ومع برنامج نظام الوبائيات والصحة العمومية المعد من قِبَل منظمة الصحة للبلدان الأمريكية، يُمكنە، وبتكاليف زهيدة، من تفعيل وتيسير أساليب برنامج دعم اتخاذ القرارات للوقاية من الأمراض المعدية، ومكافحتها في البيئات المحدودة الموارد، إضافة إلى تعزيز قدرات الصحة العمومية بشكل عام. خلاصة القول أن الكثير من البرمجيات الجديدة ليست مجرد ترفيه أو كيفية الوصول إلى وجهةٍ ما، كما الحال في خرائط جوجل مثلاً، بل أن الأمر يتعدى ذلك بكثير إذا أمعنا النظر وأيقننا الفائدة.
من إعداد الأستاذة :سماح السعداوي وحصري لموقع تكنولوجيا التعليم
فوائد ذات افاق واسعة حقا
ردحذفالله يجازيكم خير